التخطي إلى المحتوى الرئيسي

لماذا يعتبر العسل من ألدّ أعداء البكتيريا على الإطلاق، لدرجة استعمال بعض أنواعه في المستشفيات؟

لماذا يعتبر العسل من ألدّ أعداء البكتيريا على الإطلاق، لدرجة استعمال بعض أنواعه في المستشفيات؟

عسل
لعل أكثر تعريف للعسل يعرفه الجميع هو أنه تلك القنينة الزجاجية الصغيرة ذات اللون الذهبي التي تحتوي على مادة لزجة وحلوة المذاق، غير أنه تعريف خاطئ تقنيا ذلك أن العسل في حقيقة الأمر هو عبارة عن سلاح فتاك ضد البكتيريا مشحون بشكل كامل بمختلف أنواع الدفاعات الضرورية، والفضل كله يعود إلى النحلات العاملات التي قامت بتجهيزه بكل تلك القدرات الهائلة التي يتمتع بها من خصائص السكر نفسه الموجود فيه وصولا إلى البروتينات المناعية.
في مقالنا هذا  سنتناول بالتحليل القدرات الخارقة لهذه المادة حلوة المذاق في القضاء على معظم أنواع البكتيريا. على الرغم من أننا نراهن أن الجميع يعلم مسبقا بفوائد العسل، غير أننا سنلقي الضوء بشكل أخص على ما يجعل هذا العسل يتصف بهذه الصفات بالتحديد.
منذ العصور القديمة، كان العسل يستعمل في منع حدوث العدوى والالتهابات في الجروح، وهي التقنية التي ما زالت تستعمل إلى يومنا هذا، عدا أننا بتنا نستخدم فيها نسخا مصفّاة ومعيارية في مجابهة انتشار العدوى في المستشفيات، ومن أجل فهم الأمر بشكل أفضل، سنقوم بتحليل استراتيجية العسل في محاربة البكتيريا التي تنقسم إلى ثلاثة آليات:

أولا: السكر نفسه

يتشكل العسل من 17٪ من المياه والباقي كله سكر، ويتشكل السكر ذاته من نوعين أساسين وهما السكر غلوكوز والسكر فريكتوز، وتماما مثل كل السكر يمتاز السكر غلوكوز والسكر فريكتوز بكونهما لزجين متلاصقين، ومنه فهما يجذبان الماء.
تقنيا فالعسل في مجمله عبارة عن محلول متشبّع جداً، مما يعني أنه يحتوي على كمية من السكر أكبر من أن تتحلل في درجة الحرارة معتدلة، ولهذا يبدو أن العسل يتحول إلى أشكال بلورية داخل القنينة مع مرور وقت معتبر على وجوده فيها، لأن السكر داخله يبدأ في الخروج من المحلول وذلك ”بحثا عن الماء“.
من المعروف عن الماء أنه ينتقل بين أغشية الخلايا من المحيط الذي يحتوي على أعلى تركيز مياه إلى المحيط الأقل تركيز، والبكتيريا بطبيعتها تحتوي على تركيز مائي أكبر من ذلك في العسل، مما يعني أن العسل سيقوم حرفيا بامتصاص الماء من أي بكتيريا أو فطريات تحاول التكاثر فيه. أضف إلى ذلك أن العسل لا يحتوي على قدرٍ كاف من المياه تكفي لتزدهر فيه أي كائنات مجهرية، لذا فهي تموت بكل بساطة، وذلك هو السبب في أن العسل لا يفسد ولا يتعفن.
رسم توضيحي للكيفية التي يقوم فيها العسل بالقضاء على البكتيريا من خلال تجفيفها
رسم توضيحي للكيفية التي يقوم فيها العسل بالقضاء على البكتيريا من خلال تجفيفها

ثانيا: عن طريق إنزيم يدعى (غلوكوز أوكسيديز)

تفرز النحلة هذا الإنزيم عندما تكون بصدد إنتاج العسل، وهو الإنزيم الذي بإمكاننا القول عنه بلغة بسيطة بأن البكتيريا تكرهه لأنه ينتج مركبين مختلفين: فهو يقوم بتحويل الغلوكوز إلى حمض الغلوكونيك وبيروكسيد الأكسجين.
إن حمض الغلوكونيك هو حمض أسيدي يمنح العسل قيمة PH قل من 4 التي تعتبر أكثر حموضة بألف مرة من الحموضة الحيادية ذات القيمة Ph 7 التي تحتاجها معظم الكائنات البكتيرية للعيش والاستمرار، أما بيروكسيد الهيدروجين فهو بارع جدا في قتل الخلايا، حيث يقوم بتدمير جدران خلايا البكتيريا مما يجعلها تنهار وتتحلل.
غير أن إنزيم الغلوكوز أوكسيديز لا يكون مفعلا في العسل الناضج والجاهز للاستهلاك، حيث يبدو أن النحلة تضعه بينما تكون بصدد تحضيره حتى تتفادى تعرضه للتلف عندما تقوم بتجفيفه، لكنك إن تقم بتمييع العسل فإن هذا الإنزيم يتفعل مجددا ويبدأ في إنتاج حمض الغلوكونيك وبيروكسيد الأكسجين.

ثالثا: المضادات الحيوي

عندما تكون النحلة بصدد إنتاج العسل فهي تجعل داخله مضادات حيوية، وتحتوي بعض أنواع العسل على بروتين يدعى Bee Defensin 1 الذي يعتبر دوره الأساسي هو الدفاع عن النحل، فهو يشكل جزءا من جهازها المناعي ويحميها ضد بعض أنواع البكتيريا، بما في ذلك تلك التي قد تتسبب في انتشار أمراض خطيرة داخل الخلية.
يتم إنتاج هذا البروتين داخل الغدة التي تستعملها النحلة لصناعة العسل لذا من الطبيعي أن نجده كذلك في منتوجها، وبينما لا يعلم العلماء بالضبط مقدار ونسبة هذا البروتين في العسل، فإننا متأكدون تماما من أن النحلة تستعين به لتحمي العسل الذي يعتبر غذاءها الوحيد.
بالإضافة إلى بروتين Bee Defensin 1 يوجد في العسل مركب آخر مضاد للبكتيريا يدعى الـMethylglyoxal (ميثيلغليوكسال)، وهو جزيء عضوي صغير يتشكل في العسل من خلال مركب آخر يوجد في رحيق بعض أنواع الأزهار، ومن بين أنواع العسل التي تزخر بهذا الجزيء المضاد للبكتيريا عسل (مانوكا) النيوزلندي، وهو عسل فعال جدا في القضاء على البكتيريا لدرجة يتم استعماله في المستشفيات اليوم.
على الرغم من كل الآليات الدفاعية السابقة التي يتمتع بها العسل ضد البكتيريا، فإنه يوجد نوع واحد منها يستطيع مقاومتها، وهي البكتيريا التي تسبب مرض التسمم السجقي. تبدأ هذه البكتيريا نشأتها على شكل جراثيم صعبة المنال، فهي تكون جافة بطبيعتها لذا لا تعمل معها خاصية التجفيف في العسل، ولأن الجراثيم لا تنمو فهي لا تتأثر كذلك بالوسط الحمضي للعسل ولا بالمضادات الحيوية ومركباتها التي يحتوي عليها.
والجزء الخطير من هذه البكتيريا هو سم (بوتولينوم) الذي تفرزه عندما تنمو لتصبح بكتيريا ناضجة، هذا السم الذي تكفي نسبة 1 في المليار من الغرام منه لقتل شخص بالغ! المثير في الأمر هو أن 10٪ من النحل يحتوي على جراثيم التسمم السجقي في داخله، لكن بما أن هذه الجراثيم في العسل لا تنمو ولا تقوم بصنع السموم، فإنها تعتبر غير مؤذية للبالغين لكنها قد تكون خطيرة بالنسبة للأطفال، لأن الجهاز المناعي للطفل لا يكون دائما قادرا على قتل الجراثيم قبل أن تبدأ في النمو على خلاف الجهاز المناعي للبالغين الذي يعترضها قبل أن تنمو ويقضي عليها على الفور، لهذا يعتبر إطعام العسل للأطفال الرضّع دون سنّ السنة الواحدة أمرا خطيرا وغير آمن، لكن بقيتنا من البالغين يمكنه تناول ما شاء منه.
لذا في المرة القادمة التي تشعر فيها أنك بحاجة لتناول شيء حلو المذاق، ننصحك بتناول عسل النحل، عدو البكتيريا اللدود!

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

سابحات العين واسبابها…

بقع أو شرائط أو خيوط شبيهة بخيوط العنكبوت سوداء أو رمادية او على شكل أشواك داكنة تتحرك مع تحريكك لعينيك #عوائم_العين_واسبابها عوائم العين هي نقاط في مجال رؤيتك. قد تبدو كبقع أو شرائط أو خيوط شبيهة بخيوط العنكبوت سوداء أو رمادية تجول في مجال بصرك عند تحريك عينيك ويبدو أنها تختفي سريعًا عندما تحاول النظر إليها مباشرة. الكثير من عوائم العين تنجم عن تغيرات مرتبطة بالعمر تطرأ مع تحول المادة الشبيهة بالهلام (الجسم الزجاجي) داخل عينيك إلى مادة سائلة بدرجة أكبر. تميل ألياف بالغة الصغر داخل الجسم الزجاجي إلى التكتل وقد تسبب ظلالاً صغيرة على الشبكية لديك. تسمى هذه الظلال التي تراها عوائم. إذا لاحظت زيادة مفاجئة في عوائم العين، فتواصل مع أخصائي عيون فورًا — لا سيما إذا لاحظت وهج ضوء أو فقدت القدرة على الرؤية المحيطية. فقد تكون هذه أعراضًا لحالة طارئة تستدعي الاهتمام العاجل. #الأعراض قد تتضمن أعراض عوائم العين: 1)بعض الأشكال في بصرك تبدو في شكل أشواك داكنة، أو خيوط عقدية شفافة من المادة العائمة 2)بقع تتحرك مع تحريكك لعينيك، فتتحرك سريعًا خارج مجالك البصري عندما تحاول النظر إليها 3)بقع تكون أكثر قا

جسدك يريد أن يخبرك شيئًا

    الشعر يمكنك ان تميز شعر الصحي بسهولة وعلى الفور. فهو كثيف، لامع وبراق، خال من التقصفات. لكن ماذا لو كان تاجك ليس جيدا الى هذا الحد؟ ربما هو نذير مشاكل صحيّة، عوامل الزمن او انك قضيت وقتا اكبر من اللازم تحت مجفف الشعر. - شعر ابيض بين عشية وضحاها؟ سمعنا كثيرا عن قصص الرُعب، وكيف ان أحدهم استيقظ بعد كابوس رهيب او صدمة عصبية ليجد شعره الذي كان اسود، اشقر او احمر وقد اصبح رمادياً او ابيضاً. لا تقلق بشأن ذلك فهو لن يحدث لك! لان الابحاث البيولوجية تؤكد ان هذا الكلام غير صحيح. وان الطريقة الوحيدة لتحول لون الشعر هو التراجع التدريجي في انتاج الميلانين في جذور الشعر. لا يوجد حدث "بيولوجياً" يمكن ان يزيل الشعر من عامود الشعر. ومع ذلك، يمكن لصدمة جسديّة أو نفسيّة ان تتسبب في إحداث تغيير في الشعر. المرض أو الإجهاد يرسل رسالة للشعر نشط النمو للذهاب الى "استراحة"، وبضعة أشهر في وقت لاحق، كل هذه الخيوط في مرحلة الراحة قد تسقط. هكذا، إذا سقط الشعر الداكن فجأة وتبقى الشعر ذو اللون الأبيض ، النتيجة هي شعر يبدو رمادياً فجأة -

شهر 10 أخطاء في قوائم الطعام!

أشهر 10 أخطاء في قوائم الطعام!! هناك الكثير من العبارات "الخادعة" التي قد تجدها في قوائم الطعام حتى بقوائم أكثر المطاعم رقياً. إليك بعض هذه العبارات التي لا تعبر أبداً عن الواقع. طبق كلاسيكي مع إضافاتنا الخاصة حتى أشهر المطاعم تقوم بهذا، حيث تجد في قائمة الطعام مثلاً: "سلطة سيزر الخاصة بنا المكونة من الخس والجبن وصلصة سيزر".. ما هو الجديد إذاً؟ هل تستطيع التحدث بالفرنسية؟ قد تجد جميع مكونات أي طبق مكتوبة في القائمة بالفرنسية فتشعر أنك أمام وجبات جديدة مبتكرة. لكن في حقيقة الأمر أن كل هذه المكونات هي المكونات المعتادة ولكنها فقط بالفرنسية. ماذا عن الإيطالية؟ إذا وجدت مثلاً طبقاً من الجمبري اسمه Shrimp Scampi فلا تعتقد أنهم يقدمون نوعاً جديداً من الجمبري لأن Scampi هذا ما هو إلا اسم الجمبري بالايطالية. ماء عالي الجودة غني بـ H2O لا تنخدع بهذا فلا تشعر أنك ستشرب ماء مميز. فالماء هو H2O.. إذن ما هو الجديد في تقديم ماء غني بـH2O؟ مشوي بطريقة مثالية عند بعض أنواع الطعام الموجودة في القائمة ستجد عبارة مشوي بطريقة مثالية. هل