الصداع هو ظاهرة بشرية شاملة تقريباً. فقد تبين إحصائياً انه من غير الطبيعي الا يعاني الفرد من الصداع بين الحين والآخر.
ومن جهة اخرى، هناك على ما يبدو مجموعة لامتناهية من الأسباب والأعراض لمختلف أشكال الصداع.
فعلى سبيل المثال، ثمة أشكال من الصداع تنجم عن مشكلة اساسية وخيمة مثل ورم الدماغ أو التهاب السحايا أو استسقاء الرأس. وهناك أيضاً أشكال من الصداع يجري تصنيفها بمثابة أشكال أولية، مثل صداع الشقيقة، من دون سبب ضمني معروف.
وحتى تأثير نوع محدد من الصداع يمكن أن يختلف كثيراً بين فرد واخر. فعلى ىسبيل المثال، قد يعاني بعض الأشخاص من نوبات عرضية لصداع الشقيقة لكنهم يحافظون على إنتاجيتهم ويبقون قادرين على الاستمرار في حياتهم، وبالنسبة إلى أفراد أخرين، قد تكون النوبات متواترة ووخيمة ومعيقة.
ونظرا للاختلاف الكبير في مشاكل الصداع، يصعب أحياناً على الاختصاصيين في الرعاية الصحية، وكذلك على عامة الشعب، فهم الفوضى التي قد يعاني منها بعض الأشخاص بسبب صداعهم.
مقدمة إلى الصداع
بعد إيصال الأولاد إلى المدرسة ومواجهة زحمة السير الصباحية، تصل إلى المكتب لتجد أن صندوق رسائلك مليء وجدول مواعيدك محمّل بإفراط. لديك تقرير يجب تقديمه في تمام العاشرة صباحا ولم تشرب قهوتك الصباحية بعد. ويأتي رنين الهاتف وضوضاء المكتب ليزيدا من التوتر المتصاعد. لقد بدأ راسك يؤلمك لكنك تستمر في متابعة مهامك. يستمر الألم دون كلل لبضع ساعات إلى أن تخمد الزحمة الصباحية.
يصف هذا السيناريو الصداع التقليدي الناجم عموماً عن التوتر. لكن هذا الوصف لا ينطبق على كل أشكال الصداع، فأحد الجوانب الأكثر لفتاً للنظر في الصداع هو التنوع الكبير. فهناك تنوع في طبيعة الألم، وتواتر النوبات وحدتها، ووجود لأعراض اخرى بحيث يصعب وصف تجربة كل شخص. غير ان الميزة المشتركة هي وجع الرأس لدى الجميع.
في ما يأتي سيناريو لنوع مختلف من الصداع: تمر على المكتب لتصوير الأوراق، لكن الكتاب الذي تستخدمه يستلزم إبقاء غطاء آلة التصوير مفتوحا لكي تتسطح الصفحات. وترتكب خطأ النظر إلى الآلة أثناء تصوير الأوراق، فيومض الضوء القوي في عينيك. هكذا، ينشأ صداع مؤلم بعد دقائق قليلة. تصبح رؤيتك مرتجة وتشعر بالغثيان. تعود إلى المنزل وتسلتقي بهدوء في غرفة مظلمة. إنه صداع يتكرر معك منذ سنوات.
ثمة نوع آخر من الصداع موصوف في هذا السيناريو: تتوجه إلى السرير في موعدك الاعتيادي، لكنك تستيقظ قرابة الواحدة والنصف فجراً وأنت تعاني من صداع مؤلم. تشعر أن الألم يمتد في جمجمتك ويتركز وراء عين واحدة. تبدأ هذه العين بإفراز الدمع ويصبح المنخر في الجهة نفسها مسدوداً. تصبح عاجزا عن البقاء مستلقيا، فتذرع الغرفة جيئة وذهابا وتنتظر حتى يخمد الألم، الأمر الذي يستغرق عادة ساعة تقريبا. لكنك تعرف أن هذه النوبة تنذر ببداية جولة جديدة من نوبات الصداع. فبعد مرور أشهر خالية من الألم نسبيا، تستمر نوبات صداع مماثلة في إصابتك مرات عدة كل يوم على مدى أسابيع.
تصف كل هذه السيناريوهات أشكالاً مختلفة للحالة نفسها، أي الصداع. ويصف كل سيناريو نوعا مختلفا من ألم الرأس، ينشأ في ظروف مختلفة ويفضي إلى تأثير مختلف في قدرتك على العمل في الحياة اليومية. ومع كل الأنواع المختلفة، يبقى السؤال ما هو الصداع تماما؟
تعريف الصداع
يمكن لكلمة صداع أن تصف كل نوع تقريبا من الألم الذي نشعر به في الرأس. وقد يكون الألم في أي جزء من الرأس، وليس فقط في مساحة الصدغين والجبين التي يربطها الأشخاص عموما بالصداع، وإنما أيضا في الجهة الخلفية للرأس وفي أسفل الوجه. ثمة كلمة أخرى لوصف الصداع هي ألم الرأس.
الصداع هو مشكلة طبية، تماما مثل مرض القلب وارتفاع ضغط الدم. وقد يكون الألم حادا أو كليلا، مستمرا أو متقطعا، موجعا أو مبرحا. وقد يدوم لبضع ثوان أو دقائق أو ساعات أو أيام. وقد تعاني من الألم في جانب واحد من رأسك أو في كلا الجانبين. وقد تعاني من نوبة صداع فيها خصائص لأكثر من نوع واحد من الصداع أو قد تعاني من أنواع مختلفة من الصداع في الوقت نفسه. وفي بعض الأحيان، يصعب ببساطة وصف أعراضك أو تحديد متى بدأ الألم.
لماذا يحدث الصداع؟
لا يملك العلماء بعد كل الأجوبة، رغم أن الفهم الطبي للصداع وخيارات المعالجة المتوافرة تتحسن وتتوسع باستمرار. ومن المنطقي الاعتقاد بأن الصداع ينجم عن تفاعلات بين دماغك، وأعصابك، وأوعيتك الدموية. لكن هذه التفاعلات معقدة جداً.
تنشأ بعض أنواع الصداع لأسباب جليّة، مثل تلقي ضربة على الرأس. لكن الصداع يبدأ في أغلب الأحيان من دون إصابة جلية أو مصدر واضح للألم.
لماذا يصاب بعض الأشخاص بالصداع على نحو أكثر تواترا من الآخرين؟
قد تكون ببساطة عرضة للصداع بسبب تكوينك الوراثي وكيميائية دماغك.
وفي حالة صداع الشقيقة، قد تكون المشكلة وراثية، فالأولاد الذين يعاني أهلهم من صداع الشقيقة هم أكثر عرضة لصداع الشقيقة.
وقد يكون أسلوب العيش عاملاً أيضا، فبعض أشكال الصداع ترتبط بالتوتر أو الشعور بالإرهاق أو عدم الحصول على نوم كاف أو حذف وجبات طعام.
مرض مشترك
يعاني كل شخص تقريبا من الصداع في وقت ما. والواقع أن بعض أشكال الصداع مؤلمة على نحو خفيف، فيما هناك أشكال أخرى مؤلمة بشدة. ومهما كان نوع الصداع الذي يصيبك، تُفضّل على الأرجح لو أنك لم تشهده.
يحتل الصداع صدارة لائحة العشرين مرضاً الأكثر شيوعاً التي يعالجها أطباء العائلة. فقد وجدت إحدى الدراسات أن 95 في المئة تقريبا من النساء و 91 في المئة من الرجال عانوا من صداع واحد على الأقل خلال فترة 12 شهراً. وتمت معالجة معظم أشكال الصداع بواسطة الرعاية الذاتية، فيما قام 18في المئة فقط من المشاركين الإناث و15 في المئة من المشاركين الذكور باستشارة طبيب.
بالاضافة إلى ذلك، تبيّن أن عدد الأشخاص الذين يعانون من صداع مزمن أو متواتر مذهل فعلا، فعدد الذين يعانون من صداع مزمن يتخطى بكثير العدد الإجمالي للمصابين بداء السكر وداء الربو ومرض القلب الإكليلي. وبين هؤلاء تبين أن أكثرمن النصف يعاني من الصداع المعروف بالشقيقة.
ولسوء الحظ، يمكن أن يعاني الأولاد وحتى الأطفال من الصداع تماما مثل الكبار. فقد جرى تشخيص صداع الشقيقة عند أولاد في عمر الثلاثة أعوام.
بالإضافة إلى ذلك، يعتقد أنه يعاني من صداع الشقيقة بين 7 و 18 في المئة من الأولاد، الصبيان والبنات على حد سواء.
والصداع هو الأكثر شيوعا في بداية سن البلوغ، لكنه يصبح أقل شيوعا بعد خريف العمر. فعلى سبيل المثال، تبين أن صداع الشقيقة أكثر شيوعا عند الأشخاص الذين تراوح أعمارهم بين 25 و 55 عاماً، وهي المرحلة التي يكون فيها معظمنا في أوج العمل. لهذا السبب، يكشف الصداع عن مثل هذا التأثير لدى القوة العاملة.
تعاني النساء من الصداع، ولاسيما صداع الشقيقة، على نحو أكثر تواتراً من الرجال. يعزى ذلك جزئيا إلى إمكانية تأثر صداع الشقيقة بالتغيرات في مستويات الهرمونات، مثلما يحدث خلال دورة الطمث الشهرية عند المرأة أو خلال حملها. لكن الرجال يصابون بصداع الشقيقة أيضاً، ولا تعاني كل النساء من صداع الشقيقة خلال دورة الطمث. فمعظم النساء اللواتي يصبن بصداع الشقيقة يعانين من هذا الألم طوال الشهر، وحتى في الأوقات التي لا تتقلب فيها الهرمونات كثيرا.
ولحسن الحظ، يعاني معظم الأشخاص من صداع خفيف أو غير متواتر ولا يحتاجون إلى مراجعة الطبيب. فمسكنات الألم الشائعة والخطوات الوقائية البسيطة تساعد على معالجة المشكلة. إلا أن الصداع يعتبر مشكلة خطيرة بالنسبة إلى بعض الأشخاص. فهؤلاء الأشخاص يعانون من صداع قوي ومعيق لا يهدأ بمجرد تناول الأدوية الشائعة، أو يعانون من صداع متواتر أو حتى يومي يلقي بعب ء ثقيل على قدراتهم في العمل جسديا وعاعلفيا.
قد تكون زيارة الطبيب ضرورية في مثل هذه الظروف، وقد يصف لك الطبيب المزيد من مسكنات الألم الفعالة مع أدوية أخرى لمعالجة صداعك. بالإضافة إلى ذلك، قد يوصيك الطبيب بتعديلات بسيطة في أسلوب العيش للوقاية من الصداع.
خرافات عن الصداع
تكثر المفاهيم الخاطئة بشأن الصداع. فعلى سبيل المثال، يميل العديد من الأشخاص إلى الاعتقاد بأن كل أنواع الصداع هي نفسها.
وثمة اعتقاد بأن المستويات المرتفعة للتوتر تسبب دوما الصداع. لا شك في أن هذا الربط صحيح بالنسبة إلى بعض الأشخاص، لكنه في المقابل غير صحيح بالنسبة إلى البعض الآخر. من هنا ينشأ اللغط. فالتوتر قد يولد صداعا عند شخص عرضة لصداع الشقيقة.
من جهة أخرى، يحتمل ألا يسبب التوتر صداعا عند شخص غير معرض للإصابة بالصداع.
والمؤسف أن الإعلان يثبت المفاهيم الخاطئة بشأن الصداع في مجتمع اليوم. ففي العديد من الإعلانات، مثلا، يتم وصف علاجات الصداع على أنها عقاقير سحرية تقضي على ألم الرأس الموجع خلال دقائق. لكن في الواقع، لا يمكن القضاء على كل أشكال الصداع بمجرد تناول حبة دواء. فالأدوية هي مجرد جزء، وان كانت جزءا أساسيا، من معظم برامج المعالجة. وفي أغلب الأحيان، تبرز الحاجة إلى علاجات فعالة غير مشتملة على العقاقير بالتزامن مع العقاقير.
والواقع أن الأحباب والأصدقاء والزملاء ليسوا الوحيدين الذين يسيئون غالبا إدراك التأثير الذي قد يتركه الصداع عند شخص ما. ففي أغلب الأحيان، ينتهي الأشخاص أنفسهم المصابون بالصداع بالاعتقاد أنهم المسؤولون عن المشكلة. لكن هذا الاعتقاد الخاطئ قد يمنع بعض الأشخاص من طلب المساعدة لمعالجة صداعهم.
والخبر الجيد هو أن فصل الحقيقة عن الخرافة قد يساعدك في السعي وراء أفضل علاج متوافر لصداعك.
فيما يلي بعض الخرافات الشائعة بشأن الصداع، إضافة إلى حقائق قد تبطل هذه الاعتقادات الشائعة:
الصداع من نسج خيالك:
الصداع ليس شيئاً تتخيله أو تسبب حدوثه. فالصداع هو مشكلة طبية ناجمة عن أحداث فيزيولوجية. وكما هي الحال في الأمراض الأخرى المزمنة، يتطلب الصداع المتكرر رعاية طبية واجراءات من الرعاية الذاتية لضبطه. وهو ليس مجرد شكوى صادرة عن شخص هستيري أو مصاب بوسواس المرض.
الصداع يعنى وجود خطب عاطفي:
الصداع المزمن ليس علامة على مشاكل نفسية. إنه اضطراب بيولوجى. صحيح أن بعض الأشخاص المصابين بمشاكل في الصحة العقلية يصابون بالصداع، لكن الصداع ليس بالضرورة نتيجة هذه المشاكل. وفيما يمكن للأشخاص المصابين بصداع موجع أن يصبحوا متهيجين أوسيئي المزاج، لا يعنى ذلك معاناتهم من اضطراب عقلي. إلا أن بعض الأشخاص، ولاسيما الرجال، يرفضون لسوء الحظ مراجعة طبيب بشأن صداع لأنهم لا يرغبون في أن يبدوا عاجزين عن معالجة المشكلة بأنفسهم.
الأشخاص الذين يتذمرون من الصداع لا يستطيعون تحمل الألم:
ما من دليل علمي يوحي بأن الأشخاص المصابين بصداع شقيقة وخيم، مثلا، هم أكثر حساسية للألم من الذين لا يعانون من صداع الشقيقة. إن حقيقة أن العديد من الأشخاص يستطيعون المضي قدماً في نشاطاتهم اليومية على الرغم من صداع الشقيقة تثبت مدى مرونة هؤلاء. وقد تكون هذه الخرافة تحديداً منتشرة بكثرة في المجتمع لأن العديد من الأشخاص يعتبرون خطأ كل أنواع الصداع صداع شقيقة. والواقع أن ألم صداع الشقيقة أكثر حدة من باقي أنواع ألم الصداع. ولا شك في أن المؤمن في هذه الخرافة لم يعان أبدا من ألم بهذه الوخامة.
الصداع هو عذر لتفادي الواجبات:
في الواقع، إن الصداع الوخيم ليس مجرد عذر مريح. فالأشخاص الذين يعانون من صداع مزمن يملكون سببا شرعيا للتهرب من الواجبات المنزلية أو العمل أو النشاطات الاجتماعية. واذا كان عدد قليل من الأشخاص يستعملون الصداع بمثابة عذر للتهرب من القيام بشيء ما، لا يعنى ذلك أن كل شخص مصاب بالصداع يستفيد من مرضه.
الصداع ليس شيئاً خطيراً:
لحسن الحظ، لا تنجم أغلبية أشكال الصداع عن أمراض وخيمة. لكن هناك بعض إنذارات الصداع التي يجدر بك الانتباه إليها. فإذا عانيت من صداع وخيم ومفاجئ لم تشهد مثله من قبل أو عانيت من صداع يستمر في التفاقم مع مرور الوقت، يجدر بك مراجعة الطبيب فورا لإجراء تقييم. كما يجدر بك مراجعة الطبيب فوراً إذا عانيت من صداع مترافق مع حرارة مرتفعة أو تصلب في العنق.
الصداع المتواترهو شيء تعيش معه:
إذا كان الصداع يعيق قدرتك على الاستمرار في حياتك اليومية، يجدر بك مراجعة الطبيب. لا تدع الخوف أو التردد يمنعك من الحصول على المساعدة، ففي أغلب الأحيان، يمكن للعناية الطبية الملائمة والتعديلات في أسلوب العيش أن تتيح لك الاستمتاع بأسلوب العيش النشط والمستقل الذي اخترته.
التأثير الاجتماعي للصداع
إن أي شخص عانى من الصداع يعرف أنه يسبب الألم، ويدرك العديد من الأشخاص أيضا وجود علامات وأعراض أخرى، مثل الغثيان، مرافقة لبعض أشكال الصداع، إلا أن ما يبقى غالبا مجهولا أو مهملاً هو مدى تعطيل الصداع للحياة اليومية.
والمؤسف أن التعطيل يتخطى الأوقات التي يؤلمك رأسك خلالها. فقد أظهرت الدراسات أن الصداع يفسد حياة العائلة، وأوقات التسلية، ومسار المهنة أكثرمن كل الاضطرابات المزمنة الأخرى.
فعلى سبيل المثال، قد يجد الأشخاص المصابون بصداع الشقيقة الألم وخيما جدا بحيث يفوتون على أنفسهم العمل، والمدرسة، والواجبات الاجتماعية حين تصيبهم النوبات. كما أن الغثيان والتقيؤ المرافقان للنوبات قد يجعلان العمل المنزلي أمرا مستحيلاً.
وقد تؤدي الحساسية للضوء والصوت إلى إجبار الشخص على الانطواء في غرفة هادئة ومظلمة والاسلتقاء إلى حين خمود الألم.
واذا كانت نوبات صداع الشقيقة متواترة، يفضي ذلك بسرعة إلى الكثير من أيام التعطيل عن العمل أو المدرسة، والى تضاؤل كبير في التفاعل الاجتماعى، والى عدم القدرة على إنجاز الأهداف الشخصية أو الهوايات المفضلة.
بالفعل، يعتبر الصداع أحد الأسباب الأكثر شيوعا لتغيب الأشخاص عن عملهم. فألم الرأس الوخيم قد يدفع الشخص، عن غير قصد، إلى ترك العمل فجأة أو تقليص الاجتماعات أو البقاء ببساطة في المنزل.
وفي الإجمال، يفوّت الأشخاص المصابون بصداع الشقيقة أكثر من 4 أيام عمل عليهم في السنة. ولا يأخذ ذلك في الحسبان فقدان الانتاجية بين العمال المصابين بالصداع الذين يتوجب عليهم البقاء في وظائفهم أو يختارون فعل ذلك على رغم صراعهم للاستمرار في العمل.
وحتى عندما لا يكون الصداع موجوداً، هناك ضغوط عاطفية يجب التعاطي معها. ثمة جانب صعب في الصداع المتكرر وهو أنه يجعلك تشعر كما لو أنك فقدت السيطرة على نفسك. فنوبات الصداع لا يمكن توقعها وتحصل في أوقات تحتاج خلالها لأن تكون في أبهى حلتك. وهذا ما يجعل من الصعب التخطيط أو تنظيم جدول المواعيد مسبقا بأمان.
قد تشعر بالحساسية من فضول الآخرين، سواء كان حقيقياً أم وهمياً، حيال زعمك بالمعاناة من مشكلة مع القليل من العلامات الظاهرة. وبما أنك ألغيت مشاريع في الماضي أو ترددت في المشاركة في بعض النشاطات، قد تشعر بأنك معزول اجتماعيا.
وجدت الدراسات أن صداع الشقيقة يزيد خطر تعرض الشخص للاكتئاب. ويبدو أن هناك أموراً مشتركة بين الأسباب البيولوجية الكامنة وراء صداع الشقيقة والاكتئاب. وبات مفهوما أيضا أن الأشخاص الذين يعانون من صداع وخيم وينقطعون عن العائلة والعمل والنشاطات الاجتماعية يصابون غالباً بالاكتئاب.
بالفعل، يتوجب عليهم دوما التوقف عما يقومون به وتغيير مشاريعهم وشرح تصرفاتهم للآخرين حين يعانون من الصداع أو حين يحاولون تفاديه.
قد يسبب الصداع الكثير من الانزعاج وعدم الاستقرار عند الفرد. لكن الصداع يؤثر أيضاً في أصحاب العمل. فقد تم ذكر الصداع بين الأمراض الخمسة الأكثر تكلفة بالنسبة إلى أصحاب العمل. كما أن الأشخاص المصابين بصداع وخيم ومزمن قد يفقدون وظائفهم أو يواجهون الأحكام المسبقة في مكان العمل بسبب مرضهم.
وهذا ما يجعل الصداع أكثرمن مجرد شيء مزعج. فالمشكلة لها تأثير عميق وكبير في الأفراد وفي المجتمع عموماً.
اتخاذ الخطوات
يعتمد العديد من الأشخاص على المداواة الذاتية لمعالجة الصداع، باستعمال مسكنات الألم الشائعة حتى حين لا تكون هذه العلاجات فعالة. ويحاول أشخاص آخرون إخفاء أو تجاهل حقيقة معاناتهم من المرض. لكن إذا كان الصداع يعيق عملك أو حياتك الاجتماعية، يكون الوقت قد حان للتفكير في خطوات أخرى.
صحيح أنه لا يمكن الحؤول دوماً دون الصداع، لكن يمكن ضبط الأعراض عادة بواسطة المعالجة الطبية الملائمة.
إذا كنت تعانى من الصداع ولا تتضح لك أسبابه أو ما الذي يجعله أفضل، يجدر بك استشارة طبيبك. فالمشكلة يمكن تشخيصها، وتستطيع العمل مع طبيبك للعثور على علاج فعال.
ثمة أنواع مختلفة من الخيارات الفعالة المنطوية على العقاقير وغير المنطوية على العقاقير.
إلا أن عدم الحصول على نصيحة طبية بشأن الصداع المتكرر أو الصداع الوخيم قد يكون في النهاية أكثر كلفة من زيارة الطبيب. فالوقت والمال اللذان تنفقهما كل عام للتخفيف من الألم المزعج قد يكونان أكبر من الوقت والمال اللذين قد تنفقهما في المعالجة الموصاة من قبل طبيب
تعليقات