فرقة " عبدة الشيطان " من الفرق ، والجماعات الخطيرة ، والتي انتشرت مؤخراً في كثير من البلاد , وهذه الجماعة تمثل أحد مظاهر الانتكاسة ، والبعد عن الفطرة التي فطر الله الناس عليها ، إذ توجهت جماعات ، وأقوام إلى عبادة الشيطان ، وتقديسه من دون الله .
النشأة :
ظهرت فكرة عبادة الشيطان وتقديسه في عدد من الديانات القديمة ، وكان عند بعضها آلهة عديدة تمثل الشر .
أ. ففي الحضارة المصرية القديمة وُجد الإله " سيت " ، أو " سيث " ، وهو يقترب من كلمة satan أي : شيطان ، الذي يمثل قوة الشر ، وقد قدم المصريون له القرابين اتقاءً لشرّه .
ب. وفي الحضارة الهندية : كان للشيطان دور كبير في حياتهم الدينية ، عبروا عنه باسم " الراكشا " .
ج. وعند الإغريق : كان اسمه " دي إت بولس " ( D it-Boles ) ، أي : المعترض .
د. وفي أرض فارس : بدأت عبادة الشر ، والشيطان ، على تخوم الصحراء الآسيوية ، وكانوا يعبدون شياطين الليل ، التي تطورت للتعبير عن الشر بالظلمة ، والخير بالنور ، وبما يعرف باسم " الثنوية " .
هـ. وفي القرون الوسطى : ظهرت في أوروبا عدة جماعات تتخذ من الشيطان إلهاً ، ومعبوداً ، منها جماعة " فرسان الهيكل " التي ظهرت في فرنسا ، وكان لها اجتماعات ليلية مغلقة تبتهل فيها للشيطان ، وتزعم أنه يزورها بصورة امرأة ، وتقوم هذه الجماعة بسب المسيح ، وأمه ، وحوارييه ، وتدعو أتباعها إلى تدنيس كل ما هو مقدس ، وكان فرسان الهيكل يتميزون بلبس قميص أسود يسمونه " الكميسية " ، وقد انتشرت هذه الجماعة في فرنسا ، وإنجلترا ، والنمسا ، ثم اكتشفتها الكنيسة ، وقامت بحرق مجموعة من أتباعها ، وقتلت زعيمها ما بين عامي 1310 - 1335م ، وقد قالت إحدى عضوات هذه المجموعة قبل حرقها : " إن الله ملك السماء ، والشيطان ملك الأرض ، وهما ندّان متساويان ، ويتساجلان النصر ، والهزيمة ، ويتفرد الشيطان بالنصر في العصر الحاضر " ! .
ثم ظهرت عدة جماعات مشابهة بعد ذلك ، أخذ بعضها يمارس تعذيب الأطفال وقتلهم ، وقد خُطف لهذا الغرض مئات الأطفال بين عامي 1432 – 1440 م ، وأخذ بعضهم يقوم بتسميم الآبار والينابيع ، مثل " جمعية الصليب الوردي " ، وفي القرن السابع عشر ظهرت جمعية تسمى " ياكين " تمارس الطقوس نفسها ، وقد أعدم منها فوق الثلاثين فرداً ، ثم ظهرت جمعيات أخرى مثل : " الشعلة البافارية " ، " الشعلة الفرنسية " ، و " أخوة آسيا " .
ثم اختفت هذه الأفكار ، لتعاود الظهور في منتصف الأربعينيات من القرن العشرين .
ظهورها الحديث :
في عام 1948م ألّف البريطاني " ألستر كراولي " الذي تخرج من جامعة " كامبردج " كتاباً أسماه " الشيطان الأبيض " دافع فيه عن الإثارة ، والشهوات الجنسية ، وألقى محاضرات مطولة عن الجنس في بريطانيا ، وأصبح بعد ذلك هو المعلّم الأول لجماعة " عبدة الشيطان " ، التي أخذت تنتشر أيضاً في الولايات المتحدة ، ليتزعمها بعد ذلك يهودي أمريكي هو " انطوان شذليفي " Antone chethleivy ، الملقب بـ " البابا الأسود " .
وقد ترعرع " ليفي " في كاليفورنيا ، وفي سنة 1966 م أعلن عن فرقته ، وأسس في سنة 1969 م معبداً يدعى بكنيسة الشيطان " cos " ، كما ألّف عدداً من الكتب الفلسفية ؛ لترويج الفكر الشيطاني ، منها كتاب " الشيطان يقول " ، ويحتوي على عبارات الشيطان التسع ، وأحكام الأرض الإحدى عشر ، وكتاب " الإنجيل الأسود " ، وهدف إلى تحقير طقوس المسيحية ، وشعائرها ، وإلى بيان كيفية ممارسة العبادة ، ويعتبر مرجعاً أساسياً لتوجيه الأتباع .
انتقالها إلى المجتمعات الإسلامية :
ظلت المجتمعات الإسلامية محصنة فترة من الوقت من هذه " الديانة الإبليسية " إلاّ أن بعض العوامل أدت إلى دخولها إلى بعض الدول الإسلامية ، أهمها :
1. تطور وسائل الاتصالات ، خاصة وأن شبكة الإنترنت هي الوسيلة الأهم لنشر أفكارهم ، والتواصل بين الأتباع ، ولهم على هذه الشبكة أكثر من ثمانية آلاف عنوان .
2. تسارع وتيرة التطبيع بين الدولة اليهودية والعديد من الدول العربية والإسلامية ، الأمر الذي أدى إلى ازدياد الخلطة بين مواطني هذه الدول وبين اليهود , ولا يخفى هنا حرص اليهود على إفساد المسلمين ، وصرفهم عن دينهم ، ونشر الأفكار المنحرفة بينهم ، ومنها أفكار عبادة الشيطان ، لا سيما أن الشيطان حسب العقيدة اليهودية : رمز من رموز القوة المطلقة التي تضاهي قوة الله سبحانه ، كما أنهم لا يُحمّلون الشيطان وزر إغواء آدم وإخراجه من الجنة .
3. ترويج الكُتّاب اليساريين للأفكار المنحرفة في المجتمعات الإسلامية .
4. تسخير كافة وسائل الإعلام ، والثقافة ، والفن ، لنشر أفكار عبادة الشيطان ، وجعلها مستساغة عند المسلمين ، ومن ذلك : نشر وسائل الإعلام الغربية لأفلام تتحدث عن مصاصي الدماء ، وأشخاص ذوي قدرات سحرية ، ليغروا الشباب بامتلاكها إن وجدت , وللأسف تساهم كثير من الفضائيات العربية في نشر مثل تلك الأعمال .
أفكارهم وطقوسهم وممارساتهم :
1. اعتقادهم بأن الشيطان ظُلِم من قِبَل الله - معاذ الله - عندما طرده من الجنة لمّا رفض السجود لآدم ، لذلك فإنهم يعتبرون أن الشيطان يستحق التقدير ، وهو رمز القوة والإصرار ، كما يعتبرون الشيطان القوة العظمى التي تحرك الحياة والبشر .
2. إطلاق العنان لممارسة الجنس ، والشهوات ، وتعاطي المخدرات ، والخمور ، إذ جاء في بعض وصاياهم : " أطلق العنان لأهوائك ، وانغمس في اللّذة ، واتبع الشيطان فهو لن يأمرك إلاّ بما يؤكد ذاتك ، ويجعل وجودك وجوداً حيويّاً " ، وكان " تراولي " - الذي سبق ذكره - يقول لأتباعه : " خذ من الجنس ما شئت ، وكيف تشاء ، ومع من تشاء ، وعلى الآخر أن يسلم لك " ! .
3. من طقوسهم : ارتداء الثياب السوداء ، وإطالة الشعور ، ورسم وشم الصليب المعقوف ، على صدورهم ، وأذرعهم ، أو النجمة السداسية ، ولبس قلادة سوداء عبارة عن نجمة خماسية يتوسطها رأس شيطان بقرنين ملتويين إلى الخلف .
4. يفضّلون الاجتماع لأداء طقوسهم في أماكن مهجورة ، أو نائية ، أحياناً ، ويرسمون على جدرانها أشكالاً مخيفة ، كالأفاعي ، والجماجم ، أو أشكالاً غريبة ، تدمج فيها أكثر من حيوان ، أو هيئة .
5. يرافقهم في هذه الجلسات الموسيقى الصاخبة ، ويرددون بعض الكلمات على شكل أغانٍ ينشد فيها الموت والانتحار ، إضافة إلى تعاطي المخدرات ، والمسكرات ، بشكل مبالغ فيه ، وفي مثل هذه الحالات قد يلعقون دماء بعض ، أو يمزقون قطة ، أو كلباً ، أو ديكاً ، ويختارون اللون الأسود من الحيوانات ، ويمزقونه وهو حي ، ويعبثون بدمائه .
6. إقدام بعضهم على الانتحار ؛ لأن هذا من الحرية التي يزعمونها ، إذ يقولون إن للإنسان الحرية أن يأكل ما يشاء ، ويلبس ما يشاء ، ويموت متى يشاء ! والانتحار عندهم انتقال إلى عالم السعادة الحقيقية ، وأشبه بمحطة من محطات كثيرة يتدرج فيها الإنسان .
7. نبش القبور ، وإخراج جثث الموتى ، ويتراقص كبيرهم فوق الجثة التي يعثرون عليها ، ويقولون : إنهم يفعلون ذلك لتقسية قلوبهم ، ولمعاينة العدم والشعور به محسوساً ، والتدريب على ممارسة القتل دون أن تطرف لهم عين .
8. اعتبارهم أن الأخلاق تكرس الضعف ، وحماية الضعفاء ، وهم إنما يريدون أن تقوم العلاقات بين الناس وفق اللذة ، والمنفعة ، ويعتبرون الأخلاق عنصر تعويق ، لا عامل دفع وترقية .
الوصايا التسع :
وهي مجموعة من الوصايا ، والمبادئ ، والتي تعتبر من ثوابتهم :
1. أطلق العنان لأهوائك وانغمس في اللذة .
2. اتبع الشيطان ، فهو لن يأمرك إلاّ بما يؤكد ذاتك ، ويجعل وجودك وجوداً حيويّاً .
3. الشيطان يمثل الحكمة ، والحيوية غير المشوهة ، وغير الملوثة ، فلا تخدع نفسك بأفكار زائفة ، سرابية الهدف .
4. أفكار الشيطان محسوسة ، ملموسة ، ومشاهدة ، ولها مذاق ، وتفعل بالنفس والجسم فعل الترياق ، والعمل بها فيه الشفاء لكل أمراض النفس .
5. لا ينبغي أن تتورط في الحب ، فالحب ضعف ، وتخاذل ، وتهافت .
6. الشيطان يمثل الشفقة لمن يستحقونها، بدلاً من مضيعة الحب للآخرين وجاحدي الجميل .
7. انتزع حقوقك من الآخرين ، ومن يضربك على خدك : فاضربه بجميع يديك على جسمه كله .
8. لا تحب جارك ، وإنما عامله كأحد الناس العاديين .
9. لا تتزوج ، ولا تنجب ، فتتخلص من أن تكون وسيلة بيولوجية للحياة ، وللاستمرار فيها ، وتكون لنفسك فقط .
" مجلة الراصد " العدد ( 31 ) بتصرف ، واختصار .
تعليقات