التخطي إلى المحتوى الرئيسي

هَل المَاء حَقًّا سَمِيعٌ عَلِيم

هَل المَاء حَقًّا سَمِيعٌ عَلِيم

صورة لبلورات الثلج مكبرة

إعداد فضيلة الدكتور محمد دودح

طبيب وداعية إسلامي مقيم في مكة

بسم الله الرحمن

الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله, وبعد:

مع تساقط الثلجSnow على الأرض يكاد يُذهلك التنوع الهائل للبلورات Crystals؛ فلكل بلورة تصميم فريد ولا تكاد تلمس تشابهًا, وتحصل على نفس التنوع بتجميد الماء ومعاينة بلوراته مجهريًا خاصةً بإضاءة جانبية وحقل مظلم Dark field illumination, ولم تُعرف بعد الأسباب وراء هذا التنوع الهائل في شكل البلورات ولم تحدد بعد العوامل المؤثرة, وبناءً على استخدام الموسيقى الهادئة في الطب البديل لتخفيف التوتر بخلاف الضجيج حاول الياباني معلم الطب البديل ماسورو إيموتو Masaru Emoto استخدامها لمعرفة بعض أسباب تنوع البلورات, ووفق ما نُقِل عنه في مقابلاته المنشورة وما جاء في كتابه: رسالة من الماء Message from Water؛ وَضَعَ ماء مقطر بين مكبرين للصوت يُصْدِرَان موسيقى متنوعة لعدة ساعات, وأختبر عدة عوامل أخرى مثل اختلاف مصدر الماء, ونشر النتائج معلنًا حصوله على بلورات تميز كل تأثير, ومن أروع البلورات في رأيه كانت هي التي استمعت إلى معزوفات بتهوفن والصلوات الدينية كالهندوسية والبوذية والكنسية!, واستنتج أن لجزيئات الماء ذاكرة تشكله وفقًا لما سمعه قبل التجميد!, وتوهم إمكان إدراك الماء للقصد والنية Intent والتفهم لدلالة الكلمات, فكتب على أوراق بجوار القوارير أسماء وعبارات وتركها تبيت معها مثل "الأم تريزا" و"شكرا لك" و"هتلر" و"سوف أقتلك", ولكن القول بأن جزيئات الماء تسمع وتقرأ وتعلم بالضمائر وتميز الأعداء بتكوين أشكال ملوثة والفضلاء بأشكال نقية للبلورات؛ قد أدى إلى اعتبار تلك النتائج محض مزاعم زائفة منبعها خلفية فلسفية تحاول ارتداء لباس العلم, فالمعلوم أن بلورات الماء طبيعتها التباين؛ ويُمكن أن ينتخب منها المُدَّعِي أي شكل يُريد ويجعله مُمَيِّزًا لمعزوفة راقت له أو لصلاة تؤديها طائفة ينتمي إليها, ويجعل معيار الحكم على شكل البلورة بالنقاء والتلوث هواه بلا قاعدة واحدة ضابطة, فضلا على أن تلك المزاعم لم تؤكدها أي تجربة أخرى نظيرة مُحايدة تلتزم بالقواعد العلمية, ولهذا نسبها المجتمع العلمي إلى الروحانيات Spirituality أو العلم الكاذب Pseudoscience ؛ خاصة مع إدخال مصطلحات وثنية كتعبير الطاقة الروحية Spiritual Energy وروح مايت Ma'at وهو في المعتقدات المصرية القديمة معبود وثني يُجَسِّد معاني روحية هي الحقيقة والعدل والنظام الكوني, وفكرة الطاقة الروحية الكونية تقوم على فلسفة بديلة للاعتقاد ببينونة الإله عن خلقه؛ فيعتقد الطاويون مثلا بتمثل الذات العلية كوجود روحي معرفي يملأ الفراغ ويتخلل العالم الحسي أسموه الطاقة الكونية!, ومضمون تلك التجارب بالمثل هو استمداد الماء للطاقة من حوله فتعكس بلوراته نقاء المحيط وصفاء الضمير أو تلوثه.

وإذا استبعدنا الأثر الفلسفي تثور جملة تساؤلات تنتظر إجابات يقبلها الفَطِين مثل: هل فقد الثلج فجأة طبيعة التنوع بإخضاعه لمحيط كلمة كُتِبَت باليابانية أو الألمانية فتشكلت كل بلوراته بهيئة واحدة؟, وهل يستطيع بالمثل قراءة كلمات ببقية اللغات السائدة والبائدة!, وهل يمكنه حَقِيقَةً تمييز مضمون التعبير عن ظاهره إذا تناقضا!, ولا يمكن تصنيف الكلمات إلى سَيِّء فَيَسْتَاء الثلج منه أو جَيِّد فَيَبْتَهِج؛ فأي حيرة تُصيبه مع كلمات مثل "جَاءَ" أو "ذَهَب"!, وقد تكون موسيقى الجاز الصاخبة عند بعض الشباب رائعة بخلاف غيرهم فإلى مَن تَحَيَّز!, وكيف شَكَّلَ الثلج البلورات لتبدو ملوثة فصَنِّف هتلر سيئًا بخلاف ما كان يعتقد شعبه!, وكيف مَيَّزَه من بين كل الأسماء المشابهة!, وكيف عَرَفَ أن آغنيس غونكزا بوجاكسيو راهبة أُعِدَّت للتبشير في الهند وعُرِفَت بالأم تريزا ونالت جائزة نوبل عام 1979 لنجاحها؛ فِيُصَنِّفها نقية مع المَرْمُوقِين!.

والقول بأن كل شيء في الطبيعة مثل الكلمة المكتوبة أو المسموعة؛ مهما اختلفت اللغة, يمثل روحًا تسري تؤثر فيما حولها وأن رسم شكل كالصليب يستدعي بالمثل روحًا مُؤَثِّرة قد تشفي أو تدفع ضرر؛ أليس هو مضمون كل العبادات الوثنية حيث الصنم تجسيد لروح ذات مقدرة كما التمائم تجسيد لأرواح يُتَوَهَّم إمكانها جلب منفعة أو دفع ضرر؟, وأما قول إيموتو أن الكلمة ذات تأثير روحي حتى أنها تجسدت وأنشأت الوجود مستشهدا بعبارة ركيكة الصياغة بإنجيل يوحنا مستمدة من الفلسفة اليونانية بلا خلاف عند المحققين؛ فقد كشفت كثيرا من المستور رغم حذره وأيدت أن مقولاته خليط Mixture دخلته الفلسفة اليونانية مع النصرانية وبقية المعتقدات الوثنية كالطاوية؛ وربما المزيد, فيذهب دُوَان Doane مثلا في كتابه أساطير الكتاب المقدس (Bible Myths and Their Parallels in other religion, P172) إلى أن تثليث الطاوية أحد مصادر تثليث النصرانية، فالعقل الأول طاو انبثق من واحد وانبثق منه ثالث هو مصدر الأجساد, وهي نفس فلسفة أزلية الكلمة Logos أو العقل الأول في التثليث, واقتبسها سفر يوحنا المعتمد في كل الكنائس منذ مؤتمر نيقية عام 325م للتصويت حول تأليه المسيح عليه السلام وسماه الكلمة: "في البدء كان الكلمةLogos والكلمة كان عند الله وكان الكلمة الله؛ هذا كان في البدء عند الله.. والكلمة صار جسداً", وأما قوله بأن مقياس ابتهاج البلورات تكون الشكل السداسي Hexagon؛ أي المثلثين المتقابلين وهو رمز طائفي عنصري, فسيجعل الشك في أصالة عمله وموضوعيته أقرب لليقين.

صورة لبئر زمزم تتدفق المياه منها

ولا تعني المنهجية العلمية في تناول الخبر إنكار تضمنه بعض الحقيقة, وإنما الاحتراز أسلم بعدم التسليم لزعم يعوزه الدليل احتياطًا خشية الاستدراج في وقت لم يكتف المتربصون فيه انتظار زَلَّة؛ بل يُحِيكُون المكائد للمسلمين بغية السخرية والتشكيك بالإثارة العاطفية استنادًا إلى الموروث الثقافي ليضيف البعض اغترارًا تفصيلات بلا تحقيق في مصداقية الخبر, والإدعاء بأن بلورات الماء تعي وتفهم وتتجاوب مع المحيط ومع النقاء تنتشي ومع التلوث تخبو أو حتى ترفض التكون؛ انتهى بالتضخيم إلى أنها تتألق مأخوذة من الوَجْد مع البسملة والقرآن خاصةً بماء زمزم!, ومع قيمته عند المسلمين حيث تهفو النفوس للتَضَلُّع ومعاينة الكعبة المشرفة جاشت العواطف وانتشر الخبر بلا توثيق ولا تحقيق وتبارت النِيَّات الحَسَنة في إضافة الشروح والتفاسير لتتضح المعجزة, ولكن؛ ألا تكفي وفرته بوادٍ جاف لم يشتهر يومًا بزراعة وفي موضع يؤمه الحجيج منذ زمن بعيد دليلا على رعاية الله!, ولا يغرنك قول إيموتو بامتناع ماء زمزم عن التحول لثلج والتبلور حتى خففه ألف مرة بماء سواه؛ فقد احتاط لنفسه ومنحك سعة لِتُفَسِّر كيف شِئْت, وطالما براعة معرفة الطَّالِع وقراءة الكف واستلهام الوَدَع تعود لنفس الكاهن والماء ذو بصيرة سميع عليم؛ فلا يُستبعد إذن أن يُفْتِيه الماء في الكنائس وأنهار الهندوس حول صحة ما يُنْسَب إليه من قدسية فيومئ مُوَافِقًا بِدَهَاء, ليحظى الكل بالسعادة ويَعُم الأرض السَّلاَم!.

أما زعم المكابرين بأن ماء زمزم المتدفق بلا انقطاع منذ القدم ﴿لّبَناً خَالِصاً سَآئِغاً لِلشّارِبِينَ﴾ يفسره القرب من البحر الأحمر فشبهة قديمة زائفة؛ وجوابها: ﴿هََذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهََذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ﴾, ولا يفسر بَرَكَة بئر واحد رَوَى ما لا يمكن إحصاؤه من الحجيج على مر القرون بينما جفت كل الآبار المجاورة سواه, ومكة المكرمة تبعد عن البحر بحوالي 75 كم ويصل ارتفاعها لأكثر من 300 متر فوق سطح البحر, فتدفق ماء عذب لا يفسره إذن =Cے

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

إذا حدث وأن تعرضت للهيب الفلفل الحار فعليك ان تترك الماء

إذا حدث وأن تعرضت للهيب الفلفل الحار فعليك ان تترك الماء وتشرب الحليب لان الفلفل يحتوي على مادة كابسيسين الكيميائية .. والماء لا يتفاعل مع هذه المادة لكن الحليب او الآيس كريم .. او اللبن يتفاعلون معها .. لذا لا تشرب الماء عند احساسك بلهيب الفلفل الحار .. بالاضافة الى ذلك فإن الحليب يحتوي على بروتين كازايين الذي يعمل على تفكيك مادة كابسيسين فيمنع الشعور باللهب ويحمي تجويف الفم والمرئ من التقرح والالتهاب Sent with AquaMail for Android http://www.aqua-mail.com

مقارنة بين أهم صيغ و إمتدادات الصور ( TIFF ,JPG, GIF, PNG ) و الفرق بينها

تعد صيغ Jpg , Gif, Png ,bmp مقارنة بين أهم صيغ و إمتدادات الصور و الفرق بينها تعرف على أهم صيغ الصور إمتداداتها و الفارق كل صيغة و الأخرى . اصبح إستخدام الصور و تبادلها أمراً عادياً خلال تعاملنا مع الكمبيوتر أو الإنترنت بحيث أصبحنا نحتاج لرفع بعض الصور على حساباتنا الشخصية أو تعديلها من خلال محرر الصور و هنا تأتي أهمية إختيار إمتداد الصورة أو الصيغة التي تظهر بها الصورة حيث يوجد العديد من الصيغ أو الإمتدادات لعل أشهرها  Jpg, Png , Gif إذا ما طلب منك أو احتجت رفع صورة على الإنترنت أو طباعتها باستخدام الطابعة فعليك أن تعرف الفارق بين هذه الصيغ المختلفة لذا سنناقش كل صيغة و الفارق بينها و بين أخواتها بمقارنة سريعة في السطور التالية :- الصور ذات الإمتداد Jpg أو Jpeg في الحقيقة لا يوجد أي اختلاف بين Jpg و Jpeg فكلاهما إمتدادات لنفس الصيغة , و Jpeg هو الإمتداد الأوسع إنتشاراً و الأكثر استخداماً بصفة عامة كما أن JPEG أو JPG هو الصيغة الأكثر شعبية من بين صيغ الصور المستخدمة على شبكة الإنترنت. عند حفظ الصور بصيغة JPEG تفقد الصور الكثير من المعلومات الموجودة في ال...

أسوأ 12 صفة يكرهها الرجال في النساء تجنبيها

  1.المرأة المسترجلة: إحتلت المرتبة الأولى في لائحة أسوأ الصفات، أنها المرأة التي تخلت عن صفاتها كامرأةٍ واعتمدت صفاتٍ ليست لها لتثبت نفسها بالقوة. 2.الكثيرة الكلام:   التي لا تترك مجالاً لسواها كي يتكلم أو يبدى رأيه، لأنها تريد أن تأخذ دور الجميع، هذه المرأة يُمكن تحمُلها لفترةٍ قصيرةٍ محددةٍ، إنما على المدى البعيد فالعيش معها غير ممكنٍ. 3.المرأة اللعوب:   التي تجمع بين صفات الكذب والخيانة وعدم الالتزام وقلة الرصانة، إنها امرأةٌ مثيرةٌ تلفت الأنظار للوهلة الأولى، لكنها سرعان ما تصبح موضع ريبةٍ وتجعل الرجل يبتعد عنها.  4.المرأة التى تهمل مظهرها وتظهر بمظهر "ربة البيت" في جميع الظروف:   تفوح منها رائحة الطهو، وملابس النوم زيها الأساسي، لا تعتني بمنظرها أو بهندامها، ولا يمكن أن تكون محط جذبٍ وإهتمامٍ للرجل. 5.المرأة الغبية أو الجاهلة: التي ليس لديها ما تقوله ولا رأي في ما يُقال، حديثها تفاهات وجهلها لا حدود له، هذه المرأة تنفى عنها رغماً عنها صفات الأنوثة وتجعل الرجل يفر هارباً ما لم يكن على صنفها ومثالها.  6.المتباهية:   التي تظن أنها الأذكى...